vendredi 1 mai 2015

نظرية القرود الخمسة و ... واقعنا

(أحضر خمسة قرود وضعها في قفص، وعلق في منتصف القفص حزمة موز، وضع تحتها سلّماً، بعد مدة قصيرة ستجد أن قرداً من المجموعة سيعتلي السلم محاولاً الوصول إلى الموز، ما أن يضع يده على الموز، أطلق رشاشاً من الماء البارد على القردة الأربعة الباقين وأرعبهم، بعد قليل سيحاول قردٌ آخر أن يعتلي نفس السلم ليصل إلى الموز، كرر نفس العملية، رش القردة الباقين بالماء البارد. كرر العملية أكثر من مرة، بعد فترة ستجد أنه ما أن يحاول أي قرد أن يعتلي السلم إلا وستمنعه المجموعة خوفاً من الماء البارد. الآن أبعد الماء، وأخرج قرداً من الخمسة من القفص، وضع مكانه قرداً جديداً، فلنسمه "سعدان"، لم يعاصر ولم يشاهد رش الماء البارد، سرعان ما سيذهب "سعدان" إلى السلم لقطف الموز، حينها ستهب مجموعة القردة المرعوبة من الماء لمنعه، وستهاجمه. بعد أكثر من محاولة، سيتعلم "سعدان" أنه إن حاول قطف الموز فسينال "علقة قرداتية" من باقي المجموعة. الآن أخرج قرداً آخر من الذين عاصروا رش الماء -غير "سعدان" طبعاً- وأدخل قرداً جديداً، ستجد أن نفس المشهد السابق سيتكرر، القرد الجديد يذهب إلى الموز، والقردة الباقية تنهال عليه ضرباً لمنعه، بما فيهم "سعدان"، على الرغم من أنه لم يعاصر رش الماء، ولا يدري لماذا ضربوه في السابق، كل ما هنالك أنَّه تعلم أن لمسَ الموز يعني "علقة"، لذلك ستجده يشارك ربما بحماس أكثر من غيره بكيل اللكمات والصفعات للقرد الجديد، ربما تعويضاً عن حرقة قلبه حين ضربوه هو أيضاً. استمر بتكرار نفس العملية، أخرج قرداً ممن عاصروا رش الماء، وضع قرداً جديداً، وسيتكرر نفس المشهد. كرر هذا الأمر إلى أن تستبدل كل المجموعة التي تعرضت لرش الماء. في النهاية ستجد أن القردة ستستمر تنهال ضرباً على كل من يجرؤ على الاقتراب من السلم، لماذا؟ لا أحد منهم يدري، لكن هذا ما وجدت المجموعة نفسها عليه منذ أن جاءت!!).

يقولون أن هذه القصة من دروس علم الإدارة الحديثة!! حتى ينظر كل واحد إلى عمله، ليرى كم من القوانين والإجراءات تطبق بنفس الطريقة والأسلوب غير المقنع منذ الأزل، ولا يجرؤ أحد على السؤال: لماذا يا ترى تطبق بهذه الطريقة؟ بل إن الكثيرين وعلى الرغم من أنهم لا يعلمون سبب تطبيقها بهذه الطريقة يستميتون في الدفاع عنها، وإبقائها على حالها!!
إنّ هذه القصة تعكس واقعنا اليوم، كيف أننا نتمسك ببعض العادات والتقاليد السقيمة والعقيمة، التي ورثناها عن آبائنا وأجدادنا، وإذا قيل لنا إن هناك ما هو خير منها، قلنا: بل نحن وجدنا آباءنا على هذه الطريقة، وإنا على آثارهم مهتدون، ولن نغير ولن نبدل، بل نصر ونستميت في سبيل إبقائها والحفاظ عليها.

لست أدري لماذا هذا التحجر وهذا العناد في التمسك بمثل هذه العادات، مع العلم بأن الكثير منها مضيعة للجهد والوقت والمال، بل ومتلفة للنفس والأعصاب، ونحن مطالبون شرعاً بالحفاظ على النفس والوقت والمال، وألا نصرفها إلا في الخير وبمنهج الشرع وبالطريقة التي ترضي الله عنا، فلماذا هذا التقليد الأعمى؟! لماذا لا نعمل عقولنا ونسأل أنفسنا: لماذا هذه العادات بهذه الطريقة؟
في حالة الوفاة مثلاً، ترى أهل الميت فوق مصابهم هم مطالبون بالجلوس في بيت العزاء صباحاً ومساءً، وليس هذا فحسب، بل مطالبون أيضا بتقديم الطعام والحلويات لمن حضر!! مع أن السنَّة أن يصنع الناسُ لأهل الميت الطعام، فقد جاءهم ما يشغلهم عن هذا بحزنهم على ميتهم، ولكني لست أدري من أين جاء الناس بهذه المراسيم، ومن أين جاءوا ببيت العزاء هذا، ومن فرضه عليهم؟!
أمّا في حالة الزواج وقضايا النكاح من الألف إلى الياء فحدث ولا حرج، من هدر للطاقات والأوقات والأموال مما لا يليق بالأمة المسلمة الواعية الجادة، ومن مخالفات شرعية كدخول العريس إلى صالة النساء، وغيرها، ولا يتسع المقام لذكر هذه الأمور الآن، ولا ذكر غيرها من العادات في القضايا والجوانب الحياتية الأخرى، ولكن ظن شراً ولا تسأل عن الخبر.

لو سألنا أنفسنا: لماذا لا يجرؤ أحدنا على تغيير هذه العادات؟ لكان الجواب: خوفاً من كلام الناس وانتقاداتهم!! يا إخوة، كلام الناس لا ينتهي، ورضاهم غاية لا تدرك، ومن راقبهم مات همّاً، بل وكمداً وقهراً، فلماذا تتعب نفسَك، وتنغص حياتَك، وتدخل الغم على أهلك، خوفاً مما سيقوله الناس عنك إن فعلت أو إن لم تفعل؟! فطالما أنك لا تغضب الله؛ فلا تبالِ بكلام الناس.

الناس داءٌ دفينٌ لا دواء لهُ *** العقل قد حار منهم فهو منذهلُ
إن كنتَ منبسطاً سمّيتَ مسخرةً *** أو كنتَ منقبضاً قالوا به ثِقَلُ
وإن تُخالِطْهم قالوا به طَمعٌ *** وإنْ تُجانِبْهم قالوا به مَلَلُ
وإنْ تَهَوَّرْ لاقوكَ بمنقصةٍ *** وإن تَزَهَّدْ قالوا زهدُه حِيَلُ



via تويوتا العربية - TOYOTA4arab.com http://ift.tt/1HZNF57

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire